كان الشيخ الداعية #عبدالحميد_كشك رحمه الله من أبرز ظرفاء عصره؛ فكان أبن نكتة كأبناء البلد المصريين الظرفاء؛ والذين لا يجدون مشقة في إطلاق النكت ولا غضاضة في رشق من أمامهم بأجمل التعبيرات؛ وأخف التعليقات؛ والتي تترك أثرا طيبا عند السامع أو المنقولة إليه ولو بعد دهر.
فمن المواقف المضحكة والتي تبرز وتبروز خفة دم الشيخ رحمه الله وغفر له؛ موقفه مع زبانية #عبد_الناصر في حقبة الستينات من القرن الماضي؛ إذ يروى أنه أخذ إلى غرفة التعذيب؛ وجرد من ثيابه وسكب عليه الماء البارد في الشتاء؛ وعلق على (العروسة) الخشبية .. إلخ! حتى.أعياه الضرب والتعذيب وقلة النوم فلم يقدر على ترك المكان إلى زنزانته بعد إنتهاء وجبة التعذيب؛ وكلما أوقفاه الحارسان هبط منهما على الأرض؛ حتى أمر قائد الزبانية شاويشا بحمله على كتفه لمحل حبسه؛ فرفعه الشاويش القوي على أكتافه وسار به؛ وهنا أفاق الشيخ المنهك؛ وتحركت النكتة داخله؛ مشوبة بثورية مكبوتة مرغمة فتنهد قائلا (سبحان الذي سخر لنا هذا) وهنا انفجر السامعون ضحكا.
ويروي الشيخ قصة طريفة حكاها بنفسه في أحد تسجيلاته؛ أنه كان يجلس في المسجد بعد صلاة العصر؛ واقتحم عليه خلوته رجل معروف بالمعصية وترك الصلاوات وأشياء أخرى؛ وجلس الرجل سالف الذكر بين يدي الشيخ وقال له: عندي رؤية يا مولانا؛ فقال الشيخ (خير اللهم اجعله خير) قال الرجل: رأيتني أقف وسط غيط أخضر شاسع مترام الأطراف؟! فأجابه الشيخ الساخر على الفور (طبعا .. تور الله في برسيمه) وضحك الحاضرون ونام الرجل على ظهره من الضحك.
المواقف الضاحكة والساخرة سخرية سوداء بعيدة من الضحك للبكاء كثيرة ولا يحصيها مقال كهذا؛ فربما لا يحويها مجلد من القطع الكبير؛ وإن كان في العمر بقية نستكملها ونتناولها بالبحث والتدقيق؛ فالرجل الأعمى الفصيح الفقير إلى الله؛ صاحب الصوت العال في الحق؛ والذي صدح به وقض مضاجع الطغاة في زمان كانت قولة لا إله إلا الله جريمة يعاقب عليها القانون؛ والصلاة في المسجد رجس من عمل الملائكة؛ حينما كان الشياطين هم حملة عرش السلطان!
رحم الله الشيخ الظريف الساخر والذي علمنا كل شيئ .. حتى الضحك.