اعلان ادسنس

مصطفى زلوم يكتب (الحجاوي الثائر الصعلوك)


مما قرأته لشيخ الساخرين وأستاذ الضاحكين؛ وأستاذنا الكبير محمود السعدني رحمه الله عن علاقته بالأديب والفنان  زكريا الحجاوي رحم الله الجميع.
والحجاوي لمن لا يعرفه هو صحفي وكاتب وأديب شعبي؛ توجه من خلال فنه إلى تراب الشوارع ودود الأرض؛ فنكش بمنكش عن التراث الشعبي والملاحم الدارسة فكانت له ملحمة (سعد اليتيم)  وادهم الشرقاوي وسيد درويش؛ وقدم للفن الشعبي مواهب مدفونة صارت أعلاما على فن الموال والمدح أمثال خضرة محمد خضر؛ ومحمد طه؛ ومحمد أبو دراع؛ وآخرين .. زكريا الحجاوي الذي كان صديقا ﻷنور السادات وخبأه بمنزله عندما كان مطلوبا للبوليس الحربي بعد طرده من الجيش على إثر قضية التخابر مع الألمان فيما عرفت بقضية الراقصة حكمت فهمي؛ ليموت الحجاوي في عصر السادات -ذاته- صعلوكا بلا بيت مشردا بلا مأوى وبقرار جمهوري بمدينة الدوحة عاصمة  قطر؛ ولم تجد أي وساطة من أي أحد لدى السادات ليعفو عنه؛ حتى مات مشردا بمنفاه الاختياري؛ ثم يأمر السادات بحمل رفاته ودفنه بالقاهرة وسط جنازة رسمية!!
المهم: يقول الساخر السعدني دعيت لحضور ندوة ثقافية شعبية "رسمية" بمدينة طنطا حول الفن الشعبي الملحمي؛ ولم يدع الحجاوي صاحب الليلة؛ فما كان مني إلا أن هاتفه وأخبرته أن شجارا قد نشب بين عائلتين كبيرتين من طنطا؛ وأن اليوم قد أعدوا "قعدة عرب" للصلح بينهما؛ وأخترعت له أسمين لعائلتين من وحي خيالي؛ مع علمي بنفس الفنان وولعه الشديد بمثل هذه القعدات؛ فوافق وذهب معي على الفور؛ وطول الطريق أخترع له أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان حول قوة وعنفوان العائلتين؛ وكيف كانت العائلتان تعدان الأسلحة للقاء دموي محتوم؛ غير أن أولاد الحلال "أمثالي" قد تدخلوا في الوقت المناسب؛ فنزعوا فتيل التوتر المتصاعد؛ وأن هناك قصة حب قد نشأت بين أبن كبير العائلة الأولى وبنت أحد صناديد العائلة الثانية وسط هذا الجو المشحون؛ وربما يعلن الكبيران الليلة خبر خطبة الولد والبنت من باب التهدئة؛ والحجاوي طول الطريق يسمع بإصغاء بالغ؛ ويطلب مني إعادة ما قلت مرة ومرتين؛ ثم يتأوه من فرط الوجد؛ وما أن وصلت بنا السيارة إلى المكان؛ ونظر الحجاوي من شباك السيارة ليجد سرادقا كبيرا جدا بميدان السيد البدوي مزدانا بالمصابيح الضخمة ومكبرات الصوت العظيمة؛ وبآخره منصة فخمة عليها مقاعد وثيرة؛ نزل الحجاوي مشدوها وسط صغار الأدباء وشعراء الأقاليم ولفيف من قرائه ومحبيه الذين ألتفوا حوله؛ ويرفع الحجاوي بصره إلى اللافتة الكبيرة فيجد مكتوبا عليها (وزارة الثقافة - قصر ثقافة الغربية ... ) فيمشي الحجاوي تكاد قدماه أن تلتف كل واحدة على أختها؛ ويصعد المنصة في صمت؛ ويجلس بجواري في صمت؛ وبعد دقائق من السكون بعدما قدمه المعد على أنه كان "مفاجأة" الحفل؛ يميل علي الحجاوي ساحبا سترتي نحوه بعنف ويبتسم ابتسامة كاذبة ويضع فمه داخل أذني قائلا: تصدق أنت ابن كلب!!
كتمت ضحكتي بالكاد لينفجر بعدها سيل الأفكار والأحاجي من الحجاوي فارس الصنعة بلا منافس وبدون إعداد مسبق كالشلال؛ ظل ليلتها يتحدث بلا توقف ما يقارب من ثلاث ساعات والناس تكاد أن تحمله من فوق المنصة؛ فقد أصاب الفنان مهجهم وهم قد أسلموا للرجل قلوبهم فكانت ليلة أشبه بليلة عرس جميلة لا تنسى. رحم الله القامتين الفنيتين والأستاذين الكبيرين محمود السعدني أستاذي العبقري والحجاوي زكريا أستاذ الجميع.

اخبار البلد

اخبار البلد تهتم بكل اخبار مصر السياسية والاجتماعية والرياضة والصناعية والاقتصادية

إرسال تعليق

اترك رسالتك وسنرد عليك في أقرب وقت ممكن

أحدث أقدم
اعلان ادسنس اول المقال
اعلان ادسنس نهاية المقال
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال